ظاري جاسم الشمالي
لعل الكويت هي الدولة الوحيدة في العالم التي يوجد فيها من يعتبر رأي المصرف المركزي في مسألة من صميم اختصاصه مجرد رأي، وليس تمسألة اختصاص مالي يجب الرجوع فيه الى أهل الاختصاص.ويصل الأمر أحيانا الى حد اعتبار المصرف المركزي لا يفهم شيئا في الاقتصاد، لصالح فكرة انشاء صندوق تمويل تديره مجموعة من الشركات الغامضة وربما العاجزة عن التمويل للاستفادة من الدعم الحكومي والغرق من جديد في دوامة هدر المال العام تحت عنوان تمويل خطة التنمية.كان المفروض ان تدرج مسألة التمويل ضمن الخطة ولا تنفصل عنها لتتحول الى أزمة بحد ذاتها، وكان المفروض ألا يخرج هذا الجدل الى العلن ليطرح في سوق المزايدات السياسية التي لطالما أعاقت كل خطوة الى الأمام، فالتخطيط الجاد يتم بين أهل الخبرة وفي غرف مغلقة يحضر فيها كل من ستكون له يد في التمويل أو الرقابة... وتأخير البت بمسألة بالغة الأهمية كهذه يعطي انطباعا ان الخطة لاتزال حتى الآن انجازا اعلاميا وسياسيا لم تلحظ فيه الجوانب المالية والاقتصادية كما يجب، فهل كان الكلام عن الخطة مجرد تسجيل نقاط أو ان هناك بالفعل رؤية واضحة للخطوات التالية.واذا كنا ندعم رأي المصرف المركزي الذي يترك مسألة التمويل للمصارف تحت رقابته، فان مؤسسات الرقابة الرسمية وخاصة ديوان المحاسبة لا بد لها ان تكون حاضرة في العملية الكبرى من البداية، فكما يمكن ان نقع في شرك الشركات العاجزة عن التمويل كذلك من الممكن ان نقع في مشكلة البنوك المحظية التي تحتكر جزئيا عملية التمويل وتحظى بأكبر قدر من الدعم الحكومي والتسهيلات، واذا أجمع المصرف المركزي وديوان المحاسبة ووزارة المالية على رأي فان هذا الرأي يرقى الى مستوى القرار المالي في الدولة وتصبح التوجهات المعادية لهذا القرار مساسا بالمصالح المالية الكبرى وخطرا على المال العام.ويبقى الهاجس في كل ما يتعلق بالمال العام هو فعالية الرقابة المسبقة واللاحقة من قبل المؤسسات المعنية والتي تملك صلاحيات تسمح لها بالتدخل في كل مرحلة من مراحل التنفيذ للوقوف على حسن ادارة التمويل والتنفيذ، وقد يحتاج هذا الأمر الى قرارات تطوير جريئة تكسر الروتين الاداري، وتحدث أساليب الرقابة التي يجب ان تسير جنبا الى جنب مع ازالة العقبات من أمام تمويل مشاريع الخطة التنموية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق