السبت، ٢١ آب ٢٠١٠

وقفة مع دعاء الصباح للامام امير المؤمنين وامام المتقين علي بن ابي طالب

kolonagazza
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكمورحمة الله وبركاته
الحب الحقيقي هو الذي يلهم صاحبه اصدق المشاعر وأرقى الكلمات , فنحن عندما نسمع أو نقرا شيئا قد نتأثر به قليلا أو قد لا نتأثر به البتة أو قد نتأثر به كثيرا ونتعلق به فنريد أن نسمعه أو نقراه دائما بل ونحفظه أيضا , أن السبب وراء تعلقنا به هو المنبع العظيم و الإحساس الصادق والشعور الذي لا يوصف حتى أننا لا نكاد ندركه , ولكن يدركه فقط الذي كتب تلك الكلمات., انه ينبع من شخص عظيم عاش جميل قصص حب حياته وأطهرها وأعظمها رفعة وبينما هو يعيش تلك القصص قد ألهمه حبيبه ذاك الشعور .. لان الحبيب علم صدق نيته وصدق مشاعره وعشقه له, لذلك أراد أن يقدم له هدية وهي تلك المشاعر الجمة والكلمات العظيمة.. وبذلك أصبح حديث الدهر ومازال, وصوت الحق الذي يدوي في كل مكان فيوخز الضمائر ويستثير العقول ويوقظ الأحاسيس , شخصية عظيمة يعجز القلم عما يكتبه عندما يذكر اسمه , كان من العرب سيدها ومن الوغاء ليثها , ذلم هو امام المتقين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام وهنا نبذة قصيرة من دعاء الصباح المنسوب له عليه السلام .. نجد فيه تناسق الكلمات مع الروح , وثروة من الفصاحة التي صبت فيابلغ القوالب ((اللّهمّ يَامَن دَلَعَ لِسانَ الصباح بنطق تبلّجه، وسرّح قِطع الليل المظلم بغياهب تلجلُجه، وأتقن صُنع الفَلك الدوّار في مقادير تبرّجه، وشعشَع ضياء الشمس بنور تأجّجه
اللّهمّ يَامَن دَلَعَ لِسانَ الصباح بنطق تبلّجه
دلع: أخرج وأظهر.
لسان الصباح: شروق الشمس ووضوح النهار.
النطق: هو ضد الصمت.
التبلج: الإضاءة والإشراق
المعنى: يا إلهي! يامن أخرجت ضوء الصباح، وأظهرت إشراقة النهار وضوءه
وسرّح قِطع الليل المظلم بغياهب تلجلُجه
التسريح: الإرسال. قال عزّ وجلّ: (أو تسريح بإحسان). البقرة/229.
قطع الليل: أي حركة الليل: درجة درجة، وقطعة قطعة.
الغياهب: الظلمة الشديدة.
التلجلج: التردد، مثل لقمة الطعام تتلجلج في الفم، وتتردد للمضغ. وقد قيل: «ألحق أبلج، والباطل تلجلج» ولجّة البحر تردد أمواجه.
المعنى: يا إلهي! يا من أرسل الليل المظلم الشديد الظلمة، متحركاً متردداً ذهاباً وإياباً...
وأتقن صُنع الفَلك الدوّار في مقادير تبرّجه
أتقن: أحكم. الفَلك: جمعها أفلاك، وهي الكواكب والنجوم. الدّوّار: المتحرك بالاستدارة.المقادير: من المقدور والقدرة. التبرج: الزينة، قال تعالى: وقرن في بيوتكنّ ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاُولى). الأحزاب/33. وزينة الأفلاك هي انتقالها من برج إلى برج، أو هي التي زيّن بها الله السماء الدنيا (ولقد زيّنا السماء الدّنيا بمصابيح). الملك/5. (صنع الله الذي أتقن كلّ شيء). النمل/88. المعنى: إلهي! يا من أتقنت وأحكمت صنع كلّ شيء، وفي أجمل تصوير وتبرج وزينة
وشعشَع ضياء الشمس بنور تأجّجه
الشعشعة: المزج والخلط.
التأجج: هو إضرام النار واشتعالها ولهبها.
المعنى: يا إلهي! يا من مزج ضياء الشمس بالأشعة التي تخرج منها حال تأججها واشتعالها، فيكون منها ضياء دائماً أبداً
يامن دلّ على ذاته بذاته وتنزّه عن مجانسة مخلوقاته، وجلّ عن ملاءمة كيفيّاته. يا من قرب من خواطر الظّنون، وبَعُد عن ملاحظة العيون، وعَلِمَ بما كان قبل أن يكون
يامن دلّ على ذاته بذاته
المعنى: هذه فقرة موجزة قالها أميرالمؤمنين(ع) فيها دلالات واسعة و كثيرة: أي يا إلهي! يا من كان نور ذاته المقدسة، هو دليل موصل للطالبين والراغبين إلى التقرب إليه، والتعرف عليه، فبفضله وكرمه وفيوضاته عرّف عباده على ذاته وعبادته، ودلّهم على كيفيّة الوصول إلى القرب منه، والتعرّف عليه، فهو الخير، ومنه الخير وإليه يعود الخير...وتنزّه عن مجانسة مخلوقاته
التنزّه :التباعد، فلان يتنزّه عن الأقذار، وينزّه نفسه عنها، أي يتباعد عنها. المجانسة: المشاركة.المعنى: إنّ الله تبارك وتعالى نأى عن مشابهة مخلوقاته، لأنّه: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير). الشورى/وجلّ عن ملاءمة كيفيّاته
المعنى: أنّه تبارك وتعالى جلّ وترفّع عن أن يكون ملائماً ومناسباً لخلق المخلوقين، أو مشابهاً لهم بل هو القديم الأزلي، الذي (لم يلد ولم يولد* ولم يكن له كفواً أحد). الإخلاص/3 ـ 4يا من قرب من خواطر الظّنون
المعنى: إلهي! يا من تعاليت وتباعدت عن جميع المخلوقات بأجسادهم ومادتهم، وكنت قريباً من خواطرهم ولمحاتهم النفسية، وخلجاتهم القلبيّة. ولكن العلم بك لا يصل إلى حدّ اليقين، بل هو خطرات ظنّية وأمّا معرفتك يا إلهي! المعرفة الحقيقيّة لم تتوفّر إلاّ لقلة من البشر الذين اصطفيتهم، وجعلتهم خزّان علمك ومهبط وحيك.قال رسول الله(سلم):يا عليّ! ما عرف الله تعالى إلاّ أنا وأنت، وما عرفني إلاّ الله وأنت، وما عرفك إلاّ الله وأنا.وبَعُد عن ملاحظة العيون
المعنى: إلهي! يا من قربت من خطرات القلوب ولمحات العقول، وبعدت عن لحظات ونظرات العيون إنّك لا تدركك الأبصار ولكنّك تدرك الأبصار وأنت اللطيف الخبير. بتصرف عن الآية/103 من سورة الأنعام.وعَلِمَ بما كان قبل أن يكون
إنّ الموجودات كلّها لها وجودان: وجود صور أزليّة في علم الله تعالى، ووجود آخر هو ما أخرجه سبحانه إلى عالم الشهادة العينية تدريجياً على حسب الإستعدادات والمقتضيات والظروف.المعنى: إنّ علم الله تعالى علم إحاطة في كلّ شيء، وقبل كلّ شيء، وبعد وجود كلّ شيء، ولا يغيب عنه أيّ شيء...يامن أرقدني في مهاد أمنه وأمانه، وأيقظني إلى ما منحني به من مِنَنهِ وإحسانه، وكفّ أكفّ السوء عنّي بيده وسلطانه
يامن أرقدني في مهاد أمنه وأمانه
المهد للطفل جمعها مهاد الفراش أو السريروالأمن: طمأنينة النفس، وزوال الخوفالمعنى: إلهي! يا من خلقتني وخلقت جميع الناس نحن في رعايتك وحفظك وأمانك سواء في حالة النوم والرقاد، أو في حالة اليقظة والانتباهوأيقظني إلى ما منحني به من مِنَنهِ وإحسانه
أيقظني :نبّهني من النوم.منحني :أعطاني ووهبنيالمعنى: إلهي! يامن أيقظتني ونبّهتني من نوم الغافلين، ونبهتني إلى ما أعطيتني من أعمال الصالحين التي توصلني إلى درجة المتّقين، الذين أنعمت عليهم من الأنبياء والمرسلين والشهداء والصدّيقين، وذلك بفضلك وجودك وكرمك وإحسانك ورحمتك يا أرحم الراحمينوكفّ أكفّ السوء عنّي بيده وسلطانه
السوء :هو كل ما يغمّ الإنساناليد :القدرة، يد الله تبارك وتعالى هي قدرته.المعنى: إلهي! يامن حرست عبادك المؤمنين، ودفعت عنهم كلّ سوء أو حزن أو غمّ أو همّ، إنّك قلت وقولك الحق: (إنّ الله يدافع عن الذين آمنوا)الحج/38والماسك من أسبابك بحبل الشرف الأطول
المعنى: بعد أن وصف الرسول(صلى الله عليه وآله ) بأنّه الدليل والهادي إلى الله تعالى عطف هنا صفات اُخرى له وهو أنّه ماسك ومتعلق بكلّ شيء موصل بالشرف الرفيع العالي والكرامة العظمى.والناصع الحسب في ذروة الكاهل الأعبل
الناصع: الواضح، يقال: أبيض ناصع، وأصفر ناصع أي واضح وبيّن.الحسب: هو ما يعده الرجل من مفاخر أجداده.الذروة: كسر الذال وضمها، هي أعالي الشيء وسنّامه ورفعته.الكاهل: هو ما بين الكتفين.الأعبل: الضحم الغليظ، يقال: رجل عبل الذراعين أي ضخمهما، وفرس عبل الشوى أي غليظة القوائم...المعنى: أنّه(ع) يصف رسول الله(صلى الله عليه وآله ) بأنّه عالي النسب، شامخ الحسب، رفيع الشأن، مجيد المكارم.والثابت القدم على زحاليفها في الزمن الأول
الزُحلفة: بضم الزاي، هي آثار تزلج الصبيان من فوق التل إلى أسفله، والزحلفة كالدحرجة، يقال: زحلفته فتزحلف...المعنى: أنّه(ع) يصف رسول الله(صلى الله عليه وآله ) بأنّه ثابت القدم منذ أن خلقه الله تعالى، قبل النبوّة وبعدها مهما مرّت عليه من منحدرات ومزالق، وهو باق على رفعته وشموخه وعظمته...وعلى آله الطيبين الأخيار، المصطفَين الأبرار
المعنى: أنّه(ع) بعد أن صلّى على النبيّ الأطهر الماجد الأزهر(صلى الله عليه وآله ) عطف هنا الصلاة على آله الأخيار الذين اصطفاهم الله سبحانه، وطهرهم من الرجس والدنس تطهيراً. وقد بدأ-ع- في أوّل الدعاء بالصلاة على محمّد وآله ويختم الدعاء كذلك، لأنّ الدعاء المقبول عند الله تعالى هو الصلاة على محمّد وآل محمّد، فلا يرد سبحانه ما ورد بين الصلاتين!. وقد ورد عن أميرالمؤمنين(ع) أنّه قال: "كل دعاء محجوب حتى يصلّى على النبيّ(صلى الله عليه وآله )". وقال أبو سليمان الداراني: إذا سألت الله حاجة فابدأ بالصلاة على النبيّ(صلى الله عليه وآله ) ثم ادعُ ما شئت ثم اختم بالصلاة عليه فإنّ الله سبحانه يقبل الصلاتين، وهو أكرم من أن يدع ما بينهما. وقد ورد عنه (صلى الله عليه وآله ) أنّه قال: لا تصلّوا عليَّ الصلاة البتراء! فقالوا: وما الصلاة البتراء؟قال(صلى الله عليه وآله ): تقولون: اللّهمّ صلّ على محمّد، وتمسكون!.بل قولوا: اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّدقال مولانا أمير المؤمنين في دعاء الصباح الشريف
وافتح اللّهمّ لنا مصاريع الصباح، بمفاتيح الرحمة والفلاح، وألبسنا اللّهمّ من أفضل خلع الهداية والصلاح، واغرس اللّهمّ لعظمتك في شرب جناني ينابيع الخشوع، وأجر اللّهمّ لهيبتك من أماقي زفرات الدموع وأدِّب اللّهمّ نزق الخرق منّي بأزمّة القنوع
وافتح اللّهمّ لنا مصاريع الصباح، بمفاتيح الرحمة والفلاح
مصاريع: جمع مصراع، والمصراعان من الأبواب.
مفاتيح: جمع مفتاح الرحمة: وهي رقّة في القلب تقتضي الإحسان.
الفلاح: الظفر، وإدراك البغية
المعنى: يا إلهي! أدعوك وأتوسل إليك، بأن تفتح لنا مصاريع أبواب هذا الصباح وكل صباح بمفاتيح الرحمة والظفر والفلاح والنجاح والإنجاح
وألبسنا اللّهمّ من أفضل خلع الهداية والصلاح
المعنى يا إلهي! وألبسنا وزيّنا من أفضل ما عندك من الخلع والمواهب التي هديت بها عبادك الصالحين، وجعلتهم من أفضل عبادك المتقين المخلصين، ووفّقنا للسير على صراطك المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن اُولئك رفيقا.واغرس اللّهمّ لعظمتك في شرب جناني ينابيع الخشوع
الشِّرب: بكسر الشين، الحظ من الماء.الجَنان بالفتح: القلب.الينابيع: جمع ينبوع، وهو عين الماء، نبع ينبع نبوعاً: أي خروجاً.الخشوع: خضوع القلب والجوارح.المعنى: يا إلهي! إنّ عظمتك وجلالك وكبرياءك عظيمة، فاجعل هذه العظمة والجلال في نفسي وقلبي تجري جريان الخشوع والخضوع لك وحدك، لأنّه إذا لم يخشع القلب لك ولا يخضع، فلا نفع من فعل الجوارح الاُخرى، فإذا خشع وخضع القلب خشعت بقية الجوارح والأعضاء.وأجر اللّهمّ لهيبتك من أماقي زفرات الدموعموق العين: طرفها ممّا يلي الأنف والاُذن، والجمع أماق.زفرات جمع زفر: وهي القربة التي كانوا يحملون بها الماء، لذا قيل للنساء اللواتي يحملن القرب: زوافر. المعنى: يا إلهي! بعد أن توفّقني لخشيتك والخضوع إليك، أنزل من أطراف عيوني من هيبتك ومخافتك الدموع كما ينزل الماء من أفواه القرب...وأدِّب اللّهمّ نزق الخرق منّي بأزمّة القنوع
النزق: الخفّة والطّيش.الخُرق بالضم: هو ضد الرفق، وقد قيل: الرفق يمنٌ والخرق شؤمٌ. هو الجهل والحمق.الأزمّة: جمع زمام، وهو المقود الذي تربط أو تجر به الدابة.القنوع بالضم: السؤال والتذلل للمسألة والطلب، وهو غير القناعة بالفتح: الرضا بما تيسر.المعنى: يا إلهي! إنّك تعلم أنّ عندي صفات تبعدني عن مسألتك والتذلل إليك فاربطها ياربّ برباط الخضوع والجمها بلجام التذلل والخشوع إنّك أرحم الراحمين.
إلهي! إن لم تبتدئني الرحمة منك بحسن التوفيق، فمن السالك بي إليك في واضح الطريق، وإن أسلمتني أناتك لقائد الأمل والمُنى، فمن المقيل عثراتي من كبوة الهوى، وإن خذلني نصرك عند محاربة النفس والشيطان، فقد وكلني خذلانك إلى حيث النصب والحرمان
إلهي! إن لم تبتدئني الرحمة منك بحسن التوفيق، فمن السالك بي إليك في واضح الطريق
المعنى:فالطريق إليه سبحانه يبتدئ بالرحمة الموصولة بين العبد وربه.والتوفيق في طريق الله هو مبدأه من الله ومنتهاه إلى الله، فالله واحد والطريق بين اثنين ، والطريق مغلوق حتى يفتحه هو لك بحسن ظنك به ، وحسن الظن هو التمسك بالدعاء في حضرته خاشعا كما كان أهل البيت عليهم السلام جميعا. الطريق هو الرحمة الموصولة بين العبد وربه وهو كذلك استبصار عيوب النفس المليئة بالأوهام.فعندما نقول الطريق بين اثنين والله واحد هذا يدل على أن الطريق هي الرحمة الواسعة ، فالرحمة صفة ذاتية إلهية لازمة للذات الإلهية المقدسة، ففي الحقيقة لا توجد طريق بين الله والعبد فالطريق اعتباري وسلوكي وسري لا يعلمه إلا من عرف سر الله في باطنه بحق العبودية الخالصة من الشرك الخفي والجلي.فكلمة لا إله إلا الله هي كلمة التوحيد التي تخلص العبد من الشرك الجلي. ، ومعرفة معناها في باطن العبد السالك تخلص العبد من الشرك الخفي.فهو سبحانه وتعالى متوحد بالعز والبقاء كما يصفه أمير المؤمنين عليه السلام في أواخردعاء الصباح يصفه بقوله،( يا من توحد بالعز والبقاء)، فالسالك المتحقق بالله في واضح الطريق هو من له التوحيد الخالص من كل شرك، خفي وجلي، ويكون توحيده هو توحيد بالله، فهو يرى الأشياء بالله ولا يرى الله بالأشياء .
وكما جاء في دعاء عرفة (الهي كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك ، أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك، حتى يكون هو المظهر لك ؟ متى غبت حتى نحتاج إلى دليل عليك ؟ ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك ؟
يا إلهي! إذا لم تكن رحمتك وعطفك عليَّ هو الموفق للسعي فيما يرضيك من الأعمال الصالحة، والطاعات المرضية لديك، فمن الذي يأخذ بيدي وينقذني من نفسي ورغبتها، والشيطان الذي يغوين لكي أسير على صراطك المستقيم، وطريقك الواضح القويم
وإن أسلمتني أناتك لقائد الأمل والمُنى، فمن المقيل عثراتي من كبوة الهوىالأناة: الحلم، والرفق، والإنتظار. يقال: تأنّى في الأمر: إذا ترفّق به وانتظر.الأمل: الرجاء.المُنى بالضم: جمع منية، وهي الصورة الحاصلة في النفس من تمنّي الشيء.المقيل من الإقالة: الفسخ أقلت البيع: إذا فسخته.العثرة: الزلّة والخطيئة.الكبوة مفرد، جمعها كبوات: السقوط، يقال: كبا الجواد إذا سقط.الهوى: النفس والرغبة.المعنى: يا إلهي! إذا كان حلمك ورفقك بي يُسلمني إلى الاُمنيات النفسية التي تبعدني عن طاعتك ومرضاتك فمن الذي يغفر لي زلاّتي وسقطاتي الموجبة لسخطك وغضبك.وإن خذلني نصرك عند محاربة النفس والشيطان، فقد وكلني خذلانك إلى حيث النصب والحرمان
الخذلان: هو ترك العون والنصرة عند الحاجة.الشيطان: هو كل وسوسة شريرة تكون في النفس، سواء أكانت من الإنس أو من الجن...النصب: بفتح النون والصاد، التعب.المحروم: هو الذي لم يوسّع عليه في الرزق...المعنى: يا إلهي! إن تركتني وتخليت عنّي ولم تنصرني في محاربة نفسي، ومحاربة وساوس الشيطان اللعين فقد وكلتني ورميتني إلى حيث التعب والحرمان من الرزق، ومن العون، ومن المغفرة...إلهي! أتراني ما أتيتك إلاّ من حيثُ الآمال، أم علقتُ بأطراف حبالك إلاّ حين باعدتني ذنوبي عن دار الوصال، فبئس المطيّة التي امتطأت نفسي من هواها، فواهاً لها لما سوّلت لها ظنونها ومناها، وتبّاً لها لجرأتها على سيّدها ومولاها
إلهي! أتراني ما أتيتك إلاّ من حيثُ الآمال، أم علقتُ بأطراف حبالك إلاّ حين باعدتني ذنوبي عن دار الوصال
إتيان الله سبحانه وتعالى: التوجّه اليه بخشوع القلب والجوارح.الحبال جمع حبل: وهي كناية عن كثرة الوسائل الموصلة إلى الله تعالى.الذنوب: هي الكدورات والغشاوات الحاصلة لمرآة القلب من ارتكاب القبائح والمعاصي.المعنى: يا إلهي! إنّي أتيتك واتّجهت إليك من حيث الأمل الذي وضعته في كياني، وكثرة الوسائل التي جعلتها موصلة بك، لمغفرة ذنوبي، ومحو ما علّق في نفسي من الكدورات والغشاوات التي تحجب الإتصال برحمتك ومغفرتك، وتحجب النورانية التي جعلتها للمريدين والقاصدين إلى لطفك وكرمك...فبئس المطيّة التي امتطأت نفسي من هواها، فواهاً لها لما سوّلت لها ظنونها ومناها، وتبّاً لها لجرأتها على سيّدها ومولاها
امتطأت نفسي: أي اتخذت هواها مطية تذهب حيث ما شاء الهوى.واهاً: كلمة تعجب، والتعجب هنا من قوّة وساوس النفس وتشتتها.سولت: زينت.تبّاً: التبّ: الخسران.المعنى: يا إلهي! هذه نفسي الأمّارة بالسوء التي وسوس لها خيالها وباطلها وهواها، وأطاعت اُمنياتها الخادعة، وزينت لها ظنونها العاطلة، فتخيلت أنّها على شيء وإلى شيء، وما هي إلاّ جرأة على سيدها الرحمن ومولاها الرحيم... فوقعت في الخسران المبين واجترأت على ربّها الكريم.وقال أميرالمؤمنين :إلهي قرعت باب رحمتك بيد رجائي، وهربت إليك لاجئاً من فرط أهوائي، وعلّقت بأطراف حبالك أنامل ولائي. فاصفح اللّهمّ عمّا كان أجرمته من زللي وخطئي. وأقلني اللّهمّ من صرعة ردائي، وعسرة بلائي، فإنّك سيّدي ومولاي ومعتمدي ورجائي، وأنت غاية مطلوبي ومناي، في منقلبي ومثواي
إلهي قرعت باب رحمتك بيد رجائي، وهربت إليك لاجئاً من فرط أهوائي، وعلّقت بأطراف حبالك أنامل ولائي)القرع: الضرب بقوّة وشدّة.الفرط : تجاوز الحد. أفرط الرجل في الشيء إذا تجاوز الحد.الأنامل: جمع أنملة، وهي رؤوس الأصابع.المعنى: يا إلهي! بعد هذه الجرأة على عصيانك، والتمادي في البعد عن ساحة كرمك ورضوانك... ألآن! وقد تبت إليك، ورجعت منيباً متأملا بجودك وكرمك وغفرانك...وقد قلت وقولك الحق: (ففرّوا إلى الله) الذاريات /50.وقولك: (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إنّ الله يغفر الذنوب جميعاً إنّه هو الغفور الرحيم). الزمر/53
فها أنا يا ربّ! أقرع باب رضوة رحمتك بيد الرجاء والأمل في المغفرة والرحمة والستر، هارباً من ذنوبي وجرأتي وها أنا ذا جئتك يا ربّ ملتجئاً ومنيباً إليك من أهوائي الكثيرة وعصياني المتجدد، متعلقاً بأي وسيلة من الوسائل الموصلة إلى رضوانك وغفرانك، ولو كان التعلق بسيطاً وقليلا، حتى ولو برؤوس الأصابع...
فاصفح اللّهمّ عمّا كان أجرمته من زللي وخطئي
الصفح: الإعراض، يقال: صفحت عن فلان، إذا أعرضت عنه.الجرم والإجرام: الذنب والمعصية.الزلل: يقال: زللت يا فلان تزلّ زليلا، إذا زلّ في الطين.الخطأ: ضد الصواب.المعنى: إلهي! يا ربّ! أتوسل إليك أن تعرض وتصفح عن إجرامي في حقّ نفسي وحقّ غيري من الزّلاّت الكثيرة المتعددة، والأخطاء المتكررة، إنّك أرحم الراحمين وخير الغافرين...وأقلني اللّهمّ من صرعة ردائي، وعسرة بلائي
الإقالة : الفسخ، أقلت البيع أي فسخته. وهنا بمعنى: خلصني.الصرع: الطرح على الأرض. صرعة ردائي، أي طرحه ورميه على الأرض.العسرة: السرعة، وتطلق على ناقة السريعة.البلاء: الإختبار والإمتحان. بلوته: اختبرته...المعنى: يا إلهي! خلّصني وعافني من وقوع رداء الحشمة والعفّة والأخلاق عنّي، وسرعة نزول البلاء والإمتحان في ساحتي...
فإنّك سيّدي ومولاي ومعتمدي ورجائي
السيد: من ساد سيادة سؤدداً. هو شرف المجد، ساد قومه: صار سيدهم وكبيرهم ومتسلطاً عليهم...المولى: تطلق على المعتِق، والمعتَق، وابن العم، والجار، والحليف، والناصر، والمتولّي للأمر،قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه». والمولى هنا يختص بالمعنى الأخير: الناصر المتولّي للأمر.المعتمد: الشيء الذي يعتمد عليه، ولا يمكن الإستقلال منه.المعنى: يا إلهي! أنت سيدي وقائدي وناصري وملجئي ومعتمدي ورجائي، ليس لي غيرك من أرجع إليه أو أعتمد عليه... وأنت غاية مطلوبي ومناي، في منقلبي ومثواي
الغاية: نهاية المقصد والمطلوب.المنقلب: المرجع والمآل، كما قال تعالى: (إنّا إلى ربّنا لمنقلبون). الزخرف/14.المثوى: المنزل، من ثوى المكان، وبه يثوى ثواءً، وثُوياً بالضم، وأثوى: أطال الإقامة.المعنى: يا إلهي! أنت نهاية مطلبي، وكل ما أتمناه، فلا أطلب من سواك، ولا أرجو غيرك، فإليك ملجئي ومرجعي وإقامتي الطويلة بعد موتي عندك وتحت رعايتك، فاجعلها يا ربّ في جوارك من الذين أنعمت عليهم (من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن اُولئك رفيقاً). النساء/69.إلهي! كيف تطرد مسكيناً التجأ إليك من الذنوب هارباً أم كيف تُخيّب مسترشداً، قصد إلى جنابك ساعياً، أم كيف تردّ ظمآن ورد إلى حياضك شارباً، كلاّ وحياضك مترعة في ضنك المحول وبابك مفتوح للطلب والوغول، وأنت غاية السؤُلِ، ونهاية المأمول
إلهي! كيف تطرد مسكيناً التجأ إليك من الذنوب هارباً
الطرد: الإبعاد، طرد فلاناً: أبعده ونفاه.المسكين: هو الفقير الذي لا شيء عنده. وربّما قيل إنه أشد وأبلغ من الفقير فقراً... الذليل المقهور.المعنى: يا إلهي! أنت ملجأ اللاجئين، ومقصد القاصدين، ومعتمد المؤمنين، فكيف تُبعد وتطرد مسكيناً ومحتاجاً إليك، وهو هارب من ذنوبه وخطاياه، وأنت أرحم الراحمين.أم كيف تُخيّب مسترشداً، قصد إلى جنابك ساعياً
خاب الرجل خيبة: إذا لم ينل ما طلب. الخيبة: المحرومية.مسترشداً: طالباً للرشاد. والرشد ضد الغيّ.القصد: إتيان الشيء، يقال: قصدته وقصدت إليه بمعنى واحد.الجناب بالفتح: الفناء، أي فناء الدار أو البيت.السعي: سعى الرجل يسعى سعياً، إذا عدا وركض وكذا إذا عمل أو كتب.المعنى: إلهي! وكيف تخيّب أو تحرم من طلبك مسترشداً ومستهدياً، وهو قد جاء إلى فناء دارك وأماكن عبادتك راكضاً ومهرولا...أم كيف تردّ ظمآن ورد إلى حياضك شارباً
) ردّه: يقال: ردّه عن وجهه يردّه ردّاً مردوداً: صرفه وأرجعه عن عزيمته.ظمآن: عطشان.ورد: الورود أصله قصد الماء، وقد يستعمل في غيره. قال تعالى: (ولمّا ورد ماء مدين). القصص/23.الحياض جمع حوض: وهي الأماكن الكبيرة التي يوضع فيها الماء للوضوء أو لشرب الأنعام والمواشي.المعنى: يا إلهي! وكيف تردّ وتصرف من كان عطشاناً للقرب منك، وقد قصد حياض رحمتك ومغفرتك لينهل منها وأنت الرحمن الرحيم. كلاّ وحياضك مترعة في ضنك المحول
مترعة: ترع بالتحريك، يقال حوض ترع، أو إبريق ترع: أي ممتلئ.ظنك: الضنك: الشدّة والصعوبة قال تعالى: (ومن أعرض عن ذكري فإنّ له معيشة ضنكا..). طه/124.المحول: من المحل: الجدب، وهو انقطاع المطر ويبس الأرض. يقال: أرض محل، أو محلة، أو محول: أي جدب.المعنى: إلهي! ليس من شأنك وعاداتك أن تصرف الذي يقصدك وهو مشتاق إليك، إنّ خيرك لفائض على الجميع، من يستحق ومن لا يستحق، وخاصة في أيام الجدب والحاجة والفاقة، إنّك أرحم الراحمين وخير الرازقين... قال تعالى: (وإن من شيء إلاّ عندنا خزائنه وما ننزله إلاّ بقدر معلوم). الحجر/21.
وبابك مفتوح للطلب والوغول، وأنت غاية السؤُلِ، ونهاية المأمول
الوغول: الدخول والتواري. يقال: وغل الرجل يغل وغولا أي دخل في الشجر وتوارى فيه.غاية السؤل: أي النهاية القصوى لما يسأل، وليس قبله ولا بعده مسؤول.المأمول: المرجو، أي أنت يا ربّ نهاية الرجاء ولا يوجد من يرجى بعدك إلاّ بإذنك ورضاك.المعنى: يا إلهي! إنّك كريم، ولا تمنع قاصديك من الدخول إليك، أو الوصول إلى ساحة رحمتك ونعمتك، فأبواب خيرك وبركتك مفتوحة لكلّ من يريد الدخول إلى عمقها والتواري فيها، وأنت يا ربّ نهاية كل خير ورحمة، ولا يوجد أي خير إلاّ بإذنك وإرادتك وأنت أرحم الراحمين.وصل اللهم على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
محبتي ودعائي ونسالكم الدعاء
العبودي

أفرجت عن المختطف سميح عليوي لعدة أيام لحضور عقد قران ابنته

kolonagazza
أجهزة عباس تختطف 6 من أنصار الحركة والاحتلال يعتقل 3 من المفرج عنهم في صوريف
أمامة - 21/8/2010 م
واصلت أجهزة عباس حملتها ضدّ حركة حماس وأنصارها في الضفة المحتلة، حيث اختطفت 6 من أنصار الحركة في محافظتي رام الله وسلفيت.
ففي محافظة سلفيت:
اختطفت أجهزة عباس من قرية قراوة بني حسان قبل عدة أيام كل من محمد عبد العزيز عاصي و حمزة محمود ريان و يوسف عزت مرعي علماً أنّ مرعي مختطف سابق لدى الأجهزة وقد تمّ اختطافهم بعد استدعائهم للمقابلة، كما اختطفت الأجهزة من قرية سرطة الطالب في جامعة النجاح الوطنية عفان الخطيب بعد استدعائه للمقابلة .وفي شأن متصل واصلت أجهزة عباس في المحافظة حملة استدعائها للعديد من أنصار ونشطاء الحركة ، حيث أعادت استدعاء الأسير المحرر جهاد شحادة من جماعين للمرة الرابعة كما استدعت محمود مرعي من قراوة بني حسان علماً أنه مختطف سابق وكان قد تعرض للتعذيب ونُقل إلى المستشفى بعد تردي حالته الصحية، واستدعت أيضا نبيل شملاوي من قرية حارس .
وفي محافظة رام الله:
اختطفت أجهزة قبل عدة أيام الطالب في كلية الهندسة في جامعة بير زيت مالك مصطفى من بلدة دير بلوط ، كما اختطفت الطالب محمد ثابت من قرية شقبا بعد استدعائه للمقابلة، يشار إلى أنّ ثابت عضو مجلس طلبة سابق.
وفي محافظة الخليل:
واصلت أجهزة عباس اختطاف أحمد علي حميدات من صوريف منذ أكثر من أسبوعين حيث أكّدت عائلته منعها من زيارته حتى الآن.واستمراراً لمسلسل التنسيق الأمني فقد اعتقلت قوات الاحتلال ثلاثة من المفرج عنهم من سجون الأجهزة بعد يومين من الإفراج عنهم بعد قضائهم لأحكام عسكرية صدرت من قبل محاكم فتح في المدينة استمرت لتسعة أشهر والمعتقلون هم أحمد اسماعيل غنيمات و مصعب صبيح الهور و لؤي فواز عابد، يذكر أنّ غنيمات أسير محرر أمضى أكثر من عشر سنوات في سجون الاحتلال وهو شقيق القيادي القسامي الأسير عبدالرحمن غنيمات .
وفي محافظة نابلس:
واستمراراً لمسلسل الأحكام العسكرية الظالمة فقد أصدرت محكمة عسكرية في نابلس حكماً بالسجن لمدة عام على المختطف طارق الطاهر ، يذكر أنّ الطاهر أسير محرر و مختطف لدى الأجهزة منذ قرابة الأربعة شهور. وفي شأن متصل فقد أفرجت الأجهزة عن المختطف سميح عليوي من المدينة لعدة أيام لكي يحضرعقد قران ابنته ، حيث أكّدت مصادر مقربة من عائلته أنه سيقوم بتسليم نفسه غداً الأحد للأجهزة في المدينة، يذكر أنّ عليوي أمضى قرابة العامين في سجون الأجهزة وقد تعرّض لعمليات تعذيب وحشية وتمّ نقله لمشافي المدينة عدة مرات أثناء مدة اختطافه.

أكدوا على ضرورة كسر حالة الجمود وأهمية التواصل الإجتماعي بين كل مكونات الشعب

kolonagazza
الوزير قبها و الشيخان خالد وعبد الباسط الحاج يقدمان التعازي بوفاة اللواء الهندي
أمامة - 21/8/2010 م
قام وفد قيادي من الحركة الإسلامية في محافظة جنين مؤلف من الوزير المهندس وصفي قبها والشيخان خالد الحاج وعبد الباسط الحاج بزيارة بيت العزاء الذي أقامته حركة فتح في مقرها الرئيس في جنين بوفاة اللواء أمين الهندي مؤسس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية، وقد قام الوفد بتقديم التعازي إلى أمين سر حركة فتح في محافظة جنين السيد عطا أبو رميلة الذي ثمّن هذه الخطوة واعتبرها مشكورة وعزيزة، فيما أكّد الوزير قبها على أنّ الخلافات السياسية يجب أن لا تحول دون اللقاءات والحوارات والتواصل الاجتماعي بين مكونات الشعب الفلسطيني وفي كلّ المناسبات. من جهته فقد أكّد الأستاذ خالد الحاج على وجوبية التواصل والحوار واعتبر ذلك مطلباً دينياً ووطنياً وأخلاقياً يحتم على الجميع القيام بالواجبات تجاه بعضنا البعض. أمّا الشيخ عبد الباسط الحاج فقد أكّد على أهمية وضرورة التخلص من حالة الجمود والفتور التي اعترت العلاقات الفلسطينية – الفلسطينية مؤكداً أيضاً على ضرورة التواصل والحوار بين كل أطياف اللون السياسي الفلسطيني، وفي كافة المواقع من أجل كسر الحواجز النفسية الناجمة عن الإنقسام وبعث روح الثقة والتفاؤل والأمل بين الجميع وأبدى إستعداده لأية لقاءات وحوارات تخفف من الإحتقانات وتساهم في دفع مسيرة الحوار والمصالحة الوطنية.

الثرثرة وحبل المشنقة؟

kolonagazza
كفاح محمود كريم
ذكرني جهاد الخازن في مقال له وهو يتحدث عن الثرثرة والهذر على صفحات جريدة الحياة قبل ايام عديدة ( الصمت أسلم من الهذر )*، بقصة رجل اعدم في صيف عام 1989م بسبب تعرضه لذات الدكتاتور العراقي صدام حسين بالشتيمة والسب في العاصمة اربيل، حيث كان يحتسي الخمر في احد نواديها الليلية مبتدأً بالتهكم والسخرية من سلوك الدكتاتور حتى بلغ الكأس الثالث أو الرابع فأدرك السباب والشتيمة وهو سكران ثمل!؟ لم يمض على استدعائه اكثر من ثلاثة ايام لترسل جثته هامدة ملونة من شدة التعذيب الى ذويه!؟ ومن اقليم كردستان العراق الى وسطه في مدينة الحلة وقبل حادثة صاحبنا في اربيل بعشر سنوات تقريبا أي في شتاء 1979م تذكرت شخصا آخر وكان محاميا خمارا حينما يخرج من احد النوادي ثملا الى الشارع تواجهه صورة كبيرة لصدام حسين، فيقترب منها ليتبول على جدارها العالي رافعا رأسه ومخاطبا صاحبها ساخرا ومتهكما، حتى ادركه رفاق العقيدة ليقودوه ( بالجلاليق والكفخات ) الى اقرب مقر من مقراتهم ويختفي سنوات طويلة ليخرج فاقدا عقله بالتمام والكمال هائما بين الطرقات وهو ما يزال يخاطب صاحب الصورة في الازقة والشوارع كلما رأى جدارية كبيرة قائل: ما خاف منك حتى لو صرت محافظ الفوار*؟ وأعود بالذاكرة قليلا الى الوراء السياسي العراقي المؤلم في حادثة بائسة مضحكة مبكية من حوادث ما حصل بعد فشل محاولة العقيد عبدالوهاب الشواف الانقلابية في الموصل ضد الزعيم عبدالكريم قاسم عام 1959م، وحالة الفلتان التي اجتاحت المدينة واختلط فيها الحابل بالنابل، ومن بين ما حصل كانت هناك جثة مرمية على قارعة الطريق ويبدو انها لضابط كبير من المشتركين بـ ( المؤامرة )، فجأة جاء رجل فضولي من العامة وبدأ يركل الجثة ويشتم صاحبها قائلا: هذه نهاية الخونة!؟* بعد اقل من اربع سنوات اي بعد انقلاب عبدالسلام عارف واستحواذ البعثيين على مفاصل مهمة من الحكم، القي القبض على هذا الفضولي لتقديمه الى محاكمة لم تدم اكثر من ساعات فيحكم بالاعدام رميا بالرصاص كونه كان جنديا، وقد تبين فيما بعد انه من مراتب ذلك الضابط القتيل الذي عرف بتشدده العسكري ولا علاقة له بأي شكل من الاشكال لا بالضابط ولا بالحاكمين آنذاك؟ واذكر من السجالات الاوربية واحدة من اطرف ما سجلته لنا الذاكرة السياسية في اروقة البرلمان، ففي ايطاليا كان هناك دوما صراع او تنافس بين الحزب الشيوعي الايطالي والحزب الديمقراطي المسيحي، وفي واحدة من سجالاتهم، مرَ رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي من امام رئيس الحزب الشيوعي ولم يبادره بالسلام فقاله له الآخر معاتبا لماذا لا تسلم فرد عليه قائلا: انا لا اسلم على الحقراء!؟ فسلم رئيس الحزب الشيوعي عليه مباشرة وصافحه رغم ذلك قائلا له: لكنني يا عزيزي مورو انا اسلم عليهم بحرارة!؟ ورغم ان البعض يعتبر هذا النوع من النقد وسيلة من الوسائل للتشهير بالنظام ورموزه واعتباره اسلوبا دعائيا واعلاميا كما يحصل في كثير من الدول الديمقراطية العريقة حيث يستخدمون في كثير من الاحيان الشتائم والتشهير بالانظمة والاشخاص من خلال اغانيهم او شعاراتهم او هتافاتهم، الا ان السؤال يبقى في بلادنا وحتى يومنا هذا هو ما مدى صلاحية هذا الاسلوب في مجتمعاتنا وطبيعة تكوينها النفسي والقيمي!؟
ثرثرة وهذر تقود الى حبل المشنقة!
مابين الشتيمة والادعاء الكاذب تفصل الرأس عن الجسد في ظل نظام دكتاتوري ظالم، وبصرف النظر عن مشروعية ما حصل في الحوادث الثلاث من قبل النظام الحاكم إلا أن اسئلة مهمة تطوف دائما مع هكذا أحداث: ترى هل ان الشتائم والقذف والثرثرة الفارغة تعبر عن موقف سياسي سليم، او نمط واسلوب من اساليب معارضة النظام، سواء كان صاحبها صاح او سكران او مبرمج كما حصل لصاحبنا في اربيل والآخر في الحلة؟
وهل أن الكثير من تصريحات سياسيينا الجدد وفنتازياتهم وبالذات تلك التي تلغي الآخر او تهمشه وتشيع الكراهية والبغضاء وتبرر الارهاب والقتل والتطهير، تقع تحت طائلة الثرثرة السياسية والهذر الساذج أم أنها فعلا تعبر عن أفكارهم وآرائهم التي سيحكمون بها البلاد!؟ واذا كان النظام قد اعدم او اتلف من شتم شخص رئيسه، فما عقوبة من يتسبب في ثرثرته وتصريحاته في إشاعة كراهية شعب او عرق او مذهب او دين في بلاد تكونت اساسا من هذا الفسيفساء!؟
* مقال الكاتب جهاد الخازن:عيون وآذان (الصمت أسلم من الهذر) في جريدة الحياة اللندنية
السبت 03 يوليو 2010
* الفوار: قرية تقع الى الجنوب الشرقي من مدينة الديوانية وكانت يومها مركزا لتجمع الغجر (الكاولية ).
* احداث 10 آذار 1959م بعد فشل محاولة الشواف الانقلابية في الموصل.