الاثنين، ٢٣ آب ٢٠١٠

الحكام الكويتيون لا يفكرون في المستقبل.. لماذا وكيف؟!

kolonagazza

الحكام الكويتيون لا يفكرون في المستقبل.. لماذا وكيف؟!
شبكة البصرة
د. أبا الحكم
· من لا يعي المستقبل.. تظل أحكامه قاصرة ومدمرة
· والأحكام القاصرة.. لا تحل مشاكل الشعب ومعضلاته
· وإن حل المعضلات.. لن يكون بالغدر والحقد والثأر
· الشعب الكويتي له مستقبله.. والحكام الكويتيون لا يفكرون في مستقبل هذا الشعب.. بل ينصاعون لما يريده الأجنبي!!

1- نحن نعرف أن الكويت بلد صغير في حجمه وعدد سكانه ومساحته، وهو ضعيف بمقاييس القوة.. ونعرف أن (النفط) هو المورد الوحيد لاقتصاد هذا البلد، إذ لا صناعة ولا تصنيع يذكر ولا زراعة، إنما تشكل واردات النفط الرقم الوحيد الذي تتأسس عليه ميزانية الكويت.. ونعرف أن 50% من هذه الموارد تتوزع على متطلبات الوزارات والمؤسسات والخدمات و 25% منها تجد طريقها إلى جيب الأمير والعائلة الحاكمة، كما ذكر ذلك عام 1989 السيد الشطي مدير مكتب الشيخ جابر الأحمد و 25% تذهب إلى (صندوق الأجيال القادمة)، ولكن الحقيقة التي ذكرها بصراحة هذا الرجل، أن هذه النسبة يقوم بتحويلها إلى حساب وزير النفط آنذاك وبالتنسيق معه لخدمة العائلة الأميرية.. ومن هنا تظهر لعبة الأجيال القادمة والحرص على مستقبلها!!
تحدثت سابقاً إلى أحد الشيوخ الكويتيين المتنورين، ولا أريد أن اذكر اسمه، عن هذا الحرص في تثبيت حق (الأجيال القادمة) من النفط خوفاً من النضوب، فقال : لا تصدق ذلك، إن الصندوق مجرد رقم حساب وجدول حسابات سنوية رقمية لا أكثر، أما المبالغ الفعلية فهي تذهب إلى حساب الشيخ جابر، ليس مباشرة إنما من خلال الحساب الخاص لوزير النفط.. وهنا تتطابق أقوال السيد الشطي مع هذا الشيخ الجليل- وهو بالمناسبة رجل يتمتع بخصال الرجولة العربية وإيمانه لا غبار عليه بالدين الإسلامي الحنيف-!!

2- ونحن نعرف أن حكام الكويت اخترعوا نوعاً من (الديمقراطية) النيابية.. هذا الاختراع قد تم تثبيت أركانه على مقاسات محددة تشتمل على خطوط حمراء لا تسمح بالاقتراب من أو الحديث عن مصلحة العائلة الحاكمة، التي بيدها قرار حل مجلس النواب والدعوة لعقده متى شاءت وبقرار من الأمير ذاته، كما أن من صلاحيات هذا الحاكم تعيين عدد من أعضاء مجلس النواب يتراوح بين 20 إلى 25 نائباً لهم صلاحيات التحكم ببوصلة المجلس على وفق إدارة سياسية وإعلامية لا تخرج عن الإطار المحدد لها الذي يخدم الحاكم في قصر دسمان.. وعلى هذا الأساس نرى الأعلام الكويتي يتحدث عن الديمقراطية وعن تصريحات هذا النائب أو ذاك، و(زعل) هذا النائب أو ذاك، وتمرد هذا وذاك، و (اللخة) الإعلامية قائمة على قدم وساق تعكس للعالم (ديمقراطية) قصر دسمان غير التمثيلية، بسبب من تحكم الأمير والعائلة الأميرية في مسارات المجلس، وبسبب الأطر الإعلامية والسياسية المرسومة، ليس للمجلس فحسب، إنما لكل نائب مع الأخذ بالاعتبار هامش للحديث وهامش للحركة!!
وكان قصر دسمان، الذي يتربع على كرسيه الأمير جابر وحالياً الشيخ صباح الأحمد، قد حل مجلس النواب ولعدة مرات دون اكتراث لـ(لديمقراطية) بالرغم من كونها مخترعة ومفصلة على هوى القصر ورغبات الحاكم المطلق، الأمر الذي تسبب آنذاك بكارثة اقتصادية أسموها بـ(المناخ)، التي عصفت باقتصاد السوق والبورصة والبنوك وبيوت المال والعقار واختفاء السيولة من التداول النقدي في المصارف وبين الناس!!

3- وسبب كارثة (المناخ) الاقتصادية والنقدية هو الصفقات التي يعمل عليها رجالات قصر دسمان خلافاً لواقع الاقتصاد الكويتي ولحقائقه الموضوعية القائمة، حيث الركود الاقتصادي، واتجاه الاقتصاد العام نحو استثمارات عقارية اجتاحت المصارف والبنوك والمداخيل المودعة، الأمر الذي جعل السوق يفتقر إلى السيولة النقدية الكافية لتغطية أو لتسيير واقع الاقتصاد، فيما كانت أموال شيوخ العائلة الحاكمة (تحوَل) بانتظام إلى المصارف الأجنبية، أما أموال التجار والشيوخ فقد وجدت طريقها للهروب إلى الخارج تبعاً لمقولة - إن الرساميل تهرب حين يكون المناخ غير ملائم لبقائها - والمغزى من ذلك أن لا شيوخ قصر دسمان ولا شيوخ وتجار الكويت يعنيهم الشعب الكويتي، إنما تعنيهم المضاربات والمحافظة على أرصدتهم ورساميلهم، وبدلاً من إيداعها في البنوك الكويتية أو العربية، ودعت لدى البنوك الأجنبية الأوربية والأمريكية على وجه الخصوص وبشروط مجحفة لا تسمح بالسحب الفوري إنما بالحدود التي لا تخل بسياسة البنوك الأجنبية، وبدلاً من معالجة وضع السيولة التي تحتاجها البنوك الكويتية لتيسير حركة الاقتصاد، تهرب الأموال والرساميل إلى الخارج!!
وهذه الحالة.. ما زالت قائمة حتى الوقت الحاضر مع بعض الاختلافات التي تشكل افتراقاً بين الشعب الكويتي وبين العائلة الحاكمة، وهي مغلفة بالطريقة التي يراها قصر دسمان، كلما فاحت روائح الفساد والارتباط بالمؤسسات والبنوك الأوربية والأمريكية.. فأين الشعب الكويتي، وأين مصالحه، وأين (الديمقراطية)، وأين الديمقراطية النيابية في البلاد؟!

4- والجميع يعلم بأن العائلة الحاكمة في قصر دسمان قد ارتكبت جرماً فادحاً حين قدمت التسهيلات العسكرية واللوجستية للأجنبي من أجل احتلال العراق وتدميره وتمزيق شعبه، وذلك بدافع الانتقام دون احتساب العواقب التي ترتبت بين الشعبين العراقي والكويتي من جهة، والنتائج التي تفرزها الأحداث الخطيرة الناجمة عن اختلال التوازن الإقليمي في المنطقة من جهة ثانية. وحالة الانتقام، هي في حقيقتها أحد أخطر أمراض السياسة التي تدفع البلاد ومصالحها إلى الهاوية.

5- دخل الجيش العراقي إلى الكويت يوم 2/آب 1990 لأن حكام قصر دسمان كانوا يدبرون شيئاً خطيراً ومريباً مصحوباً بالاستفزاز فأحرجوا العراق في اقتصاده وهم يصغون للقادة البريطانيين والأمريكان، الذين لديهم مصالحهم ومخططاتهم، التي تشير إلى العدوان على العراق وإثارة الفوضى فيه ووضع المنطقة على حافة الانهيار السياسي والاجتماعي والتعمد في الإخلال في التوازن الإستراتيجي القائم في المنطقة، والذي يشكل العراق فيه أحد أهم أعمدته في حماية دول الخليج على وجه الخصوص، ودول المشرق العربي بشكل عام، بالرغم من الاعتراف بأن الذي حصل ما كان يجب أن يحصل لأسباب إستراتيجية ومبدئية.. ولكن هل يدعوا ذلك إلى الإصرار على الانتقام وإبقاء الحقد الأسود يتربص بالعراق وشعبه إلى حد أن أحدهم وهو دكتور متعلم اسمه عبد الله الشايجي يعلن في مقال له (اللهم اجعل العراق حجراً على حجر) و هل يدرك هذا المتخصص في علم السياسة والعلم منه براء، أن جعل العراق حجراً على حجر يعني تدمير أحد ركائز الأمن القومي العربي و (فلتان) الأمن في المنطقة ليعبث فيها من يشاء وأخص منهم الفرس الصفويين؟. هل يدرك هؤلاء الحكام أن خطر انهيار العراق وتدميره أو ضعفه سيجلب لهم وباء الطائفية وخلاياها المنظمة التي ظهرت في الجيش والشرطة والأمن والجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني الكويتية؟.. الحكام الكويتيون يوغلون في حقدهم وانتقامهم ومستمرون في تدمير العراق وتمزيق شعبه، لأنهم يشعرون بأمن كاذب ومشروط في ظل حماية الأجنبي الأمريكي والبريطاني.. وهذا الشعور لا يبني مستقبل ولا يرسي الطمأنينة في النفوس لأسباب يمكن حصرها بالآتي :
أولاً- إن حماية الأجنبي البريطاني والأمريكي لحكام "قصر دسمان" جاء بسبب (النفط)، وليس بسبب عدالة الحكام وديمقراطيتهم وقدراتهم في إرساء دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة.
ثانياً- إن (النفط) مادة إستراتيجية ناضبة، ومؤشرات نضوب النفط في الكويت تفصح عنه استثماراتهم في الخارج في مجال العقارات ومحطات الوقود التي يسمونها (QA)، وهي مجالات فاشلة بحكم طبيعتها الاستثمارية.
ثالثاً- إن الحماية الأجنبية البريطانية والأمريكية، هي حماية ليست حقيقية، بل هي حماية مؤقتة ومشروطة ببقاء الأجنبي وتحقيق مصالحه.. فهو لا يدافع عن الكويت بل يدافع عن مصالحه.. والمثال على ذلك : الإمارات، وهي من دول مجلس التعاون الخليجي تعرضت جزرها إلى الاحتلال الإيراني منذ أكثر من ثلاثين عاماً.. ماذا فعلت معاهدة الحماية الأجنبية للإمارات؟ عل تعاون الأجنبي معها في الضغط السياسي والعسكري من أجل مصالح الإماراتيين في الخليج العربي؟!، بينما كان العراق يتدخل إذا ما تعرضت أي دولة عربية إلى التهديد.. وهل يتذكر حكام قصر دسمان حين ضربت إيران الكويت بالصواريخ، ماذا كان رد العراق على هذا العدوان آنذاك؟، أخرس العراق مصادر النيران الإيرانية بحزمة من الصواريخ دفاعاً عن شعب الكويت!!، وكما كان موقف العراق من الكويت كان موقفه صارماً حين كان العدوان وشيكاً على بعض العواصم العربية.
بمعنى، أن الأجنبي لا يدافع عن مصالح العرب أبداً.. والعرب يتوجب أن يعتمدوا على أنفسهم في بناء الذات لكي يحافظوا على مستقبلهم ومستقبل أجيالهم.
قد يقول أحدهم : إن الكويت (دولة) صغيرة كما هي دول الخليج العربي، وليس لديها قدرات دفاعية، وهي محاطة بدول إقليمية كبيرة إحداها إيران لها أطماع مؤكدة في أراضي دول الخليج ومياهها الإقليمية، وتحتاج إلى حماية خارجية بحكم تكوينها العضوي الاقتصادي والسياسي المرتبط بالرأسمالية الغربية على أساس اقتصاد السوق!!.. ولكن لماذا لم تتحد الدول العربية في الخليج العربي إتحاداً حقيقياً يرتقي إلى مستوى الوحدة، وهي بأمس الحاجة إلى هذه الوحدة، وكانت قد شكلت مجلسها الخليجي كديكور منذ عقود؟!.. ثم لماذا لم تتحد هذا الدول مع الدول العربية الأخرى، التي لديها الاستعداد المادي والسياسي والنفسي، بدلاً من طلب الحماية من الأجنبي؟!

6- قبل عام 2003، كانت ساحة الكويت تعج بالجنرالات الأمريكان والسياسيين البريطانيين، ينسقون في أمر تدفق القوات الأمريكية والبريطانية وغيرها على هذه الساحة لتجميعها ومن ثم انطلاقها عبر الحدود لتدنس أرض العراق العربية ولتقتل أبناءه وتهدم وتسرق وتغتصب.. كل ذلك كان بعلم حكام (قصر دسمان) وبموافقتهم.. فهم في هذه الحالة شركاء أساسيين في العدوان على العراق، حيث اعترف القادة الأمريكيون والبريطانيون بعدم وجود مسوغ أو مبرر لهذا العدوان، الأمر الذي يضع الحكام الكويتيين في دائرة المسئولية القانونية وما يترتب عنها للعراق من حقوق شأنهم في ذلك شأن البريطانيين والأمريكيين.. والأكثر من ذلك أن المخابرات الكويتية بالتنسيق مع الأمريكان وبمعاونة الموساد الإسرائيلي، كانت قد رسمت خطط الاستيلاء على وثائق العراق الرسمية التاريخية والفكرية والسياسية والثقافية والعسكرية والتراثية، فتوزعت على الوزارات والمؤسسات السيادية المهمة ونهبتها وأشعلت النيران فيها، وشجعت حالة الفوضى والغوغاء التي عمت أنحاء العاصمة بغداد على السرقة والنهب والحرق، بدفع وتوزيع الدولارات على هؤلاء الغوغاء، فيما باتت الصفقات قد أخذت مجراها في شكل وثائق تهرب إلى (تل أبيب) ووثائق تذهب إلى واشنطن ووثائق أخذت طريقها إلى طهران.!!
ألم يكن هذا التصرف والتنسيق مع الأجنبي يحمل في طياته الحقد والانتقام والثأر المرضي المتعطش للتدمير؟!
ألم يدرك حكام الكويت القابعون في قصر دسمان، أن الحالة الثأرية تولد حالة مقابلة تترسخ في قعر الذاكرة الاجتماعية للشعب العراقي على مدى أجيال؟!.. فالشعوب لا تنسى، وإذا ما ضعفت يوما نتيجة للظروف القاهرة، فأنها ستقوى يوماً ما وسترد بطريقتها الخاصة.. فالمستقبل للشعوب، وأن مدركات حكام الكويت على ما يبدو لا تتعدى حدود ارتباطاتهم - ليس بمصالح الشعب الكويتي الذي نكن له الخير- مصالح الأجنبي ولا تخرج عن حدود نوازعهم الذاتية وهم ماضون في تنفيذ ما يريده البريطانيون والأمريكيون.

7- ما يحصل الآن.. إن المخابرات الكويتية، وبتوجيه من قصر دسمان تعمل على ما يلي :
· التدخل لزيادة الفتنة الطائفية في العراق إتساقاً مع التوجه الإيراني، ظناً من حكام الكويت بأنهم قادرين على منع الفتنة الطائفية في الكويت بتدخل إيراني.. وهنا يكمن الغباء السياسي، لأن إيران ماضية في توسعها كمنهج وبأداة طائفية!!
· تعمل المخابرات الكويتية على تهريب (الفتيات) العراقيات القاصرات من مدن العراق الجنوبية وخاصة البصرة، واستخدامهن كرقيق في مواخير الدعارة.
· العمل على ضخ العملة الأجنبية المزورة (الدولار الأمريكي والشيكل الإسرائيلي والدينار العراقي) على وجه التحديد، من أجل تدمير ما تبقى من اقتصاد العراق الذي يتعرض يومياً للتدمير.
· الاستمرار في (شفط) نفط الرميله بأنابيب الخطوط المائلة، في الوقت الذي تحتل فيه إيران حقول النفط العراقية في الوسط والجنوب، والأكراد ينهبون نفط الشمال!!
· يعارض حكام الكويت خروج العراق من الفصل السابع، بدواعي الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن، الأمر الذي يبقي فيه هذا الفصل سيفاً مسلطاً على رقاب الشعب العراقي في ظل الاحتلال الأمريكي والإيراني المزدوج.
· الاستمرار في برنامج التعويضات الجائر، الذي كبد الشعب العراقي مليارات الدولارات منذ عام 1991 دون سقف واضح ومحدد، ومع ذلك يطالب الآن حكام الكويت بـ (300/22) مليار دولار، فيما تستمر مقولة (إن العراق يهدد السلم والأمن الدوليين)، على وفق الفصل السابع..
· تكريس حدود على وفق خرائط غير مشروعة وضعها حكام الكويت بالاشتراك مع خبراء بريطانيين وأمريكيين لحرمان العراق من حقه الطبيعي في إطلالة أو منفذ حيوي على الخليج العربي.
· الاستمرار في قضم الأراضي والمزارع العراقية بشتى الوسائل ومنها على وجه التحديد إغراء المواطنين العراقيين ببيعها بأثمان باهظة.

8- إن حكام الكويت يعلنون بأنهم متمسكين بالشرعية الدولية.. والشرعية الدولية، هي مصطلح يراد منه في الظاهر، تثبيت دعائم النظام الدولي القائم على القانون ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة.. ولكن علينا أن ندرك المفارقات في تثبيت هذه الشرعية المزعومة كأمثلة :
أولاً- دخل الجيش العراقي إلى الكويت عام 1990، وأعلن بعد أربعة أيام من دخوله، عزمه على الانسحاب.. طالبت الأمم المتحدة ومجلس أمنها بالشرعية الدولية في تثبيت الحقوق والشرعية الدولية في عودة الحكام الكويتيين الذين ما أن سمعوا بوصول الجيش العراقي إلى الحدود حتى هربوا ليلاً إلى السعودية عن طريق (نويصيب).. ولكن حين دخلت الجيوش الأمريكية والبريطانية الغازية إلى العراق عام 2003 واحتلته وأسقطت نظامه المنتخب واغتالت قيادته الوطنية، وفككت مؤسساته السيادية، ومزقت وهجرت شعبه، ودفعت البلاد صوب أتون حرب أهلية طائفية بلغت حافة التقسيم والتشرذم، لم نجد أحداً في الأمم المتحدة ولا مجلس أمنها يطالب بالشرعية الدولية حيال العراق المحتل.. لقد انتعشت الشرعية الدولية في الكويت، وتبخرت في العراق!!
القانون الدولي لم يتغير، والنظام الدولي كواقع مؤسسات لم يتغير، وما تنص عليه مبادئ الميثاق من شرعية لم تتغير.. ولكن أساس المتغير، ليس الشرعية الدولية، إنما سياسة القوة والنفوذ الأمريكية، اللذان يتحكمان في مسار المنظمة الدولية لتكييف الشرعية الدولية حسب مقاسات مصالحها الإقليمية والدولية.. هنا شرعية دولية على هذه الساحة، وهناك لا شرعية دولية على تلك الساحة، وهنالك صمت مطبق على الشرعية الدولية لهذا الحدث، وهنالك صخب عارم على الشرعية الدولية إزاء حدث ما على تلك الساحة أو تلك.!!
لقد ظهر أحد الأكاديميين الكويتيين على فضائية المستقلة يوم 7/8/2010 ويدعى (عايد المناع)، وهو بالمناسبة لا يصلح أن يكون محاوراً، لكونه يفتقر إلى الموضوعية والرصانة العلمية والكياسة الأدبية، وهذه أركان أساسية في أي حوار جاد، وخاصة الذي يتناول موضوع مستقبل شعب يجد نفسه في بؤرة صراع لن يسلم منها ما دامت قياته مرتهنة كلياً في قرارها السياسي والاقتصادي.. أقول : هذا الأكاديمي الفاشل في حواره وأطروحاته قد تشبث بالشرعية الدولية التي تحدثنا عنها آنفاً، وهي شرعية غير قانونية تفصلها أمريكا حسب رغباتها ومصالحها.
ثانياً- اجتاحت موجات الصهاينة أرض فلسطين من كل دول العالم منذ عام 1948، وقتلوا وهدموا وجرفوا وهجروا الشعب الفلسطيني.. وكانت الأمم المتحدة ومجلس أمنها، قد أعلنا طيلة عقود من السنين قرارات (الشرعية الدولية) لضمان حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه ومياهه وسمائه وعمق تاريخه.. ولكن أريد أن أسألك يا عايد يا مناعي أين هي الشرعية الدولية حيال القضية الفلسطينية؟! وأين الشرعية الدولية حيال احتلال إيران للجزر العربية في الخليج العربي؟! وأين الشرعية الدولية إزاء احتلال أسبانيا لـ(سبته ومليليه) المغربيتان؟! وأين الشرعية الدولية حيال احتلال (اسرائيل) لأرض الجولان السورية؟! وأين الشرعية الدولية إزاء احتلال تركيا للأسكندرونه؟! وأين الشرعية الدولية حيال احتلال إيران لأراضي ومدن وحقول النفط العراقية؟! وأين الشرعية الدولية إزاء ضرب غزة ومحاصرتها وقتل شعبها الفلسطيني في شكل إبادة جماعية؟! وأين الشرعية الدولية إزاء استخدام الكيان الصهيوني أسلحة محرمة دولياً (الفسفور الأبيض) على الشعب الفلسطيني في غزة؟! وأين الشرعية الدولية حيال استخدام أمريكا للأسلحة المحرمة دولياً ومنها (الفسفور الأبيض) في الفلوجه؟!
وإذا أراد هذا الأكاديمي أن يقول: لست من وضع الشرعية الدولية، وليس لنا من خيار في تطبيقها.. أقول له.. ألم يدرك شيوخ قصر دسمان الغارقين في فسادهم أن الشعب العراقي هو شعب عربي، وإن الشعب الكويتي هو شعب عربي، وإن الشعوب لا تتصارع ولا تتقاتل إلا إذا اعتدي عليها واستفزت تجدها تدافع عن نفسها ومصالحها؟ وهل يدركون أن استمرارهم في التنسيق مع المحتل الغازي سيضعهم شعب العراق في ذاكرته حكاماً أوغلوا في تدميره وتمزيقه مع المستعمر الغازي.. فهل من الحكمة الاستمرار في هذا النهج أم العمل على بناء علاقات، ليس على المستوى الرسمي مع حكومة الاحتلال، إنما على مستوى الشعب ومنظماته الوطنية التي ستأخذ زمام الأمور في المستقبل القريب، عندها ستتذكر موقف الشعب الكويتي المساند له في زمن المحنة، الأمر الذي سيعزز الوشائج بين الشعبين ويدعم أواصر العلاقات بين منظمات المجتمع المدني، وسيكون لتلك المواقف، مواقف مقابلة على أرض الواقع، حينها لم تعد للعقد من وجود في قعر الذاكرة الشعبية في البلدين!!

9- يتحمل شعب الكويت العربي مسؤولية تاريخية إذا ما استمرت قيادته توغل في حقدها على الشعب العراقي، وتضمر له الكراهية وتخطط من أجل تدميره وتمزيقه مع المستعمر الغازي، وذلك بحكم الروابط التي لا تؤثر عليها السياسات والأحداث.. وعلى الحكام القابعون في قصر دسمان الذين يعملون مع الأجنبي بالضد من شعب العراق سراً وعلانية، أن يكفوا عن إيذاء الشعب العراقي، وأن يكفوا عن تسليط سيوف (التعويضات، والأسرى الوهميين، والشرعية الدولية)، لأن ذلك لن يصب في مصلحة الكويت ولا في مصلحة شعب الكويت في المستقبل.. لأن المستقبل لن يرحم الطغاة ولا الذين يتآمرون على الأمة أبداً!!
الخلاصة :
أولاً- المغزى من الفعل الكويتي واستمراره، هو إضعاف العراق وإبقاءه متناحراً ومهدداً بالتفكك.. وهو الهاجس الكويتي، الذي يفترض خطأً أن عراقاً قوياً وموحداً سيهدد كيان الكويت.
ثانياً- المعنى من استمرار فعل الكويت السياسي والأمني، هو حرمان العراق، تنفيذاً للإستراتيجية البريطانية، من إطلالة أو منفذ بحري على الخليج، وهو حق مشروع للعراق في ضوء حقائق الجغرافيا وحقائق التاريخ.
ثالثاً- الكويت تريد العراق ضعيفاً، وإيران تريده ضعيفاً، والكيان الصهيوني يرده ضعيفاً.. وهذه شهادة على أن العراق يظل رمزاً وطنياً وقومياً يدافع عن الأمة العربية، قيمها ووحدتها وسلامتها الإقليمية.

ليست هناك تعليقات: