الاثنين، ٢٣ آب ٢٠١٠

دكتاتورية قوى "البزنس والتوريث"تسعى لتحجيم المواقع الالكترونية؟؟


kolonagazza

د. محمد احمد جميعان
لم يعد خافيا هجوم قوى البزنس في الاردن على المواقع الالكترونية من خلال قرارات حكومية " رفاعية " لحجب مواقع الانترنت الاخبارية والفكرية عن موظفي الدولة ، واستحداث قانون يكبل ويقيد هذه المواقع ويجعل من اصحابها ومحرريها صيدا سهلا لاحكام القانون ، هذه الاجراءات الدكتاتورية غير المسبوقة في العالم كله بهذه الحدية انما تهدف الى، و يقصد منها ما يلي :
الاول؛ حماية قوى البزنس والتوريث الحكومي من محاولات كشفهم امام الراي العام، ليواصلوا مسيرة "عبقريتهم" الموهومة المدمرة، التي هي اساس الفساد ومنبعه الفضفاض، من خلال الجمع بين الوزارة والمناصب الحكومية التي تتولى اقرار القوانين وتنفيذها وبين رؤوس اموالهم واستثماراتهم وشركاتهم ومواقعهم في القطاع الخاص، وتحصينها من النقد والتحليل على غرار الكابتل واخواتها، والتي من المفروض ان تكون محل الرقابة والتشريع والتحصيل الضريبي الاكبر من قبل الحكومة ، ناهيك عن التسهيلات على حساب الخزينة والعطاءات..وعلى هذا الاساس فان قوى الجمع المزدوج اصبحوا هم انفسهم الخصم والحكم ؟!
والثاني؛ التعتيم على تخبط الحكومة الرفاعية في قرارتها، واستفزازاتها المتكررة في التصريحات والمواقف ( من باب خليها مستورة ) حتى غدت مضرب المثل في صنع الازمات، فما ان تحاول حل ازمة حتى تقع في سلسلة من الازمات الجديدة ، فهي كالعدل المهترئ ( كسر العين ، شوال كبير كنا نستخدمه في الريف ) ، ما ان تخيط جانب حتى تتفتق لك جوانب ..
والثالث ؛ التعتيم على النشاطات الوطنية للرجال الرجال من المتقاعدين العسكريين، والذين اتشرف بالانتساب اليهم ،لانهم يشكلون خطرا حقيقيا على قوى البزنس والتوريث الحكومي، وذلك في اطار سلسلة التقييدات الحكومية المتعمدة لنشاطاتهم الوطنية الهادفة للاصلاح ومحاربة الفساد والعدالة وصون الوطن واهله، ومعهم في ذلك نشاط والمعلمين والعمال والحركة الاسلامية والاخرى التي اعلنت مقاطعة الانتخابات وكل من يقف معهم ويسعى لدعمهم وخدمتهم ..
والرابع ؛ محاولة ( واقول محولة لانها لن تنفع ) الحفاظ على طوق النجاة الوحيد المتبقي لاستمرار الحكومة، وهو اجراء الانتخابات على مقاسها وقانونها المؤقت وحسب توجهاتها ، ولن تنفع الحوارات والمساومات في الساعات الاخيرة ،والمثل الاردني الاصيل يقول ( لا ينفع البر عند الغارة ) وهي بذلك تحاول ان لا ينزلق الموقف اكثر ، وينفلت من زمامها ليتحول من بيانات المقاطعة الى مزاج المقاطعة ( كما هو حاصل الان ) الى تقليد مؤقت، يصبح معه الامتناع عرف في عدم التوجه الى المشاركة في ظل حكومة توارثية طبقية ( نبلائية ) عديمة الخبرة تستقي بعض تجربتها من مرجعية قديمة اعتزلت العمل السياسي، وارهقتنا في رفع الاسعار والبطالة وضنك العيش ، وتقييد الحريات ..
وحتى يدرك قوى البزنس عظم فعلتهم وخطورتها، فلا بد لهم ان ينظروا حولهم، كيف يتجه العالم كله الى مزيد من الديمقراطية والحريات لابعاد الارهاب والتطرف عن مجتمعاتهم، وليس حصدا لمصالحهم وتحقيقا لارباحهم ولو كان على حساب استقرار المجتمع واعتداله ، فالحكمة والعدل هما اساس الاعتدال...
فاين تقف هذه القوى في الاردن؟! لتضع وتشرع قانونا يقيد المواقع الالكترونية ، بل وتمنع هذه المواقع عن قطاع موظفي الدولة امعانا في افقار ثقافتهم كما افقرت جيوبهم .
امر في غاية الغرابة، لعل ابرزها كيف يمكن الاحاطة والتطبيق ؟ وما نتائج مثل هكذا قانون من الناحية الامنية والكبت السياسي مستقبلا وليس آنيا ؟ وما حجم المواجهة التي يضعون الاردن بها مع فضاء مفتوح ومتدفق وملتهب ؟ وما هي المكاسب السياسية والامنية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية في مثل هكذا تشريع منفتح اجبارا على العالم كله ؟
انني وانا اطرح هذا التساؤلات ارى ان مثل هكذا تشريعات التي تقنن وتقيد النشاط الالكتروني، وتمنعه عن موظفي الدولة ، تفتقر الى ابسط مقومات النجاح لانها لا تصمد امام عالم منفتح ، ونشاط الكتروني مفتوح اجبارا، لان التقييد هنا مستحيل خلافا للصحافة الورقية التي بالفعل تم تقنينها وضبطها وتدجينها واصبحت مكانا ووسيلة للدعاية والاعلان والتبجيل وحل المربعات المتقاطعة..
بل اذهب الى ابعد من ذلك، لاقول ان من يعمل على اقامة هذه المواقع او يشارك اويساهم فيها،والتي في اغلبها مدونات فكرية وسياسية بناءة، انما هي طاقات وعقول ومواهب شبابية متفجرة تنشد الحرية والاستثمار والعمل والتفريغ والتنفيس، تمارس ذلك بمسؤولية ذاتية في اطار اخلاقي وسياسي وثقافي لا يشكل ازعاجا بالحد الذي يثيره البعض حولهم ، وعندما يمارس عليها الضغوط والتقييد والتقنين والتشريط سوف يذهبون في اتجاهات اخرى، ليكتبوا في مواقع عربية وعالمية لا يحكمها القانون الاردني، بل وسيكتبون باسماء مستعاره باكثر حدية وانتقادا وعنفوان، في مواقع مجهولة ومتطرفة ينشر بها كل شيء، وتنتشر كالهشيم، وتزحف عليها محركات البحت لتضع فيها كل شيء خلافا للمواقع المعروفة والمقيدة في النشر التي تريدون تقييدها الان.
لان المسألة عندها تصبح تحد وتقييد للحرية ، ولا تترك مجالا للتنفيس وتفريغ الطاقات،وهنا نتحدث عن تشابك معرفي وثقافي وسياسي عربي وعالمي ، عجزت امريكا بعظمتها وقدراتها التكنلوجية والمادية، وهيمنتها الاستخبارية على اساس الشبكة العنكبوتية، ومحركات البحث العالمية، ان تضع حدا للنشاط المعادي لها ،سيما نشاط القاعدة الالكتروني والجماعات الاسلامية الاخرى التي تحاربها امريكا باظافرها واسنانها، الا انها تقف عاجزة امامها في تقييد نشاطها الالكتروني .
فكيف بنا نحن ان نتولى مثل هكذا نشاط بايعاز من قوى البزنس المستفيدة لتواصل مسيرتها المكشوفة؟! ولا اعتقد ان الاردن بحاجة الى فتح اعشاش وخلايا دبابير، في الوقت الذي نحن بامس الحاجة الى تكثيف الجهود والطاقات للنهوض بالوضع الاقتصادي والمعيشي الذي نعرفه، في منطقة ملتهبة، وظروف استثنائية، في مرحلة حساسة، قد لا يدرك مداها وخطورتها قوى البزنس الظاهرة والمستترة وهي تبحر في غيها ومصالحها وتثبيت كراسيها في تخبط واستفزاز متواصل..

ليست هناك تعليقات: