الجمعة، ٢٧ آب ٢٠١٠

حقُّ أهلِنا عليكُم أكبر

kolonagazza
بقلم القيادي الأسير حسام بدران

أمامة - 26/8/2010 م

مرة أخرى أخاطبكم من خلف القضبان، ومن داخل سجون الاحتلال المشبعة بالظلم والقهر.
من بين إخواني الذين فارقوا الأهل والديار، حتى حنت للقياهم البشر والحجر والأشجار.
إلى من تتوقد جذوة الايمان في قلوبهم.
إلى من عرف أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحبّ أن يقتدي.
إلى كلّ باحثٍ عن فعل الخيرات بحسب الأولويات.
إلى من عشق الجهاد والغزو... فلم يجد له طريقاً..

كنت قد كتبت لك مؤخراً مقالاً تحت عنوان " ماذا فعلتَ من أجلنا".

وكلي أملٌ أن تكونَ قد تحركتَ وبادرتَ وعملت، واليوم ألفتُ إنتباهك إلى زاوية أخرى لا تقلّ أهمية، وهي المتعلقة بأهالي الأسرى وتتضمن أوضاعهم ومعنوياتهم ومدى إهتمام الناس بهم، ومستوى التقدير الذي يُعطى لهم، ومقدار تفقّد أحوالهم والسؤال عنهم.

إنّ الاسير رغم محنته وألمه، ورغم صبره وثباته، ورغم قوته وصموده، فإنّ عنده نقطة ضعفٍ لا يمكن تخطيها، وهي حال أهله "الوالدان أولا ً والزوجة خصوصاً والأبناء على وجه التحديد".

اعتاد الأسير على تحمّل إضراب مفتوح عن الطعام يستمر أيام متواصلة، ولن تكسره عصا السجان حين تنهال على جسده، ولن يحبطه مكث في زنزانة إنفرادية ليس بها شيىء من معاني الحياة الانسانية، وقد يحرم العلاج فيصبر على الالم.

لكن خبراً سلبياً يأتيه عن أهله يجعله يسبح في التفكير، ويغرق في الهموم، حتى ترى أثر ذلك على وجهه، أو في إختفاء إبتسامته، أو في كثرة نومه، أو في لزومه فراشه. ويسهل عليك أن تدرك أن المشكلة مرتبطة بالأهل منذ النظرة الأولى، لأن الأسير يشعر بقلة حيلته وضعف إمكاناته وهوانه على الناس.

وأشد ما تكون الأمور صعوبة حين يرى موقفاً فيه خذلان، وحين يسمع عن حقّ للأهل ضائع، أو عن تقصير لا مبرر له.

وكم يفرح حين يجد إهتماماً مميزاً من الناس بأهله.
وكم يسعد حين يعلم أنّ بعض الأخيار قد زاروا بيته وتفقّدوا أهله.
وكم يطرب حين يعرف أنّ فلاناً قد إتصل هاتفياً بأهله وسأل عن أحوالهم، وإن لم يقدم شيئاً فعلياً على الأرض.

إنَ الأمر غايةّ في البساطة والسهولة، لكنّ أثره في نفس الأسير أكبر مما يتصور الناس.
ومع ذلك فإنّ الواقع ليس مشجعاً، والتقصير بعيد المدى.
فهل تعلم أنّ بعض عائلات الأسرى تمرّ عليها السنوات تلو السنوات، وتدرك رمضان ثمّ الأعياد دون أن يطرق بابهم أحد، ودون أن يرن الهاتف مرة واحدة.
وكأنّ البعض يستصغر هذا الفعل فيقصر فيه.
إنه من الجدير ذكره بأنّه كلما كان الأهل بخير كان الأسير كذلك. وكلّ مصيبة لدى الاهل ينتقل همّها مضاعفاً لدى الأسير، وكلّ جرحٍ لدى العائلة فإنّ نزفه يكون من شرايين الأسير.

لا تقلّ.. لا حيلة عندي، ولا تزعم أنّك لا تعرف عائلة أسير.
أو أنك بعيد خارج حدود الوطن السليب، فالدنيا كلّها اليوم قرية صغيرة يسهل التواصل بين كل أجزائها، وأنا هنا أخصّ عائلات الأسرى من سكان الضفة الذين يفتقدون لأيّ إهتمام يُذكر، والتقصير في حقّهم أكبر من أن يُوصف والكلّ يتحمل مسؤولية ذلك، كلٌّ في موقعه وفي مكانه، لا تكاد نستثني من ذلك أحداً ً، الا من رحم ربك...وقليل ما هم.

ابحث عن هاتف لأهل أسير وبادر بالإتصال حتى لو لم تكن تعرف العائلة، فإنّها سوف تُسرّ بذلك، وإذا وصل الخبر إلى الأسير في قيده فسوف يشكر لك ذلك، ويدعو لك بالخير بظهر الغيب.

أرسل رسالة عبر البريد العادي أو الكتروني، أكّد فيها على تضامنك ومحبّتك وتأييدك، وأنّك لا تنسى الأسير ولا تُهمل أهله.

ولعلك بذلك تدخل في إطار قول النبي صلى الله عليه وسلم " من خلف غازياً في أهله بخير فقد غزا"، وقد ذكرت لك أموراً تجعلك من أهل هذا الحديث. ومن يفكر سيجد غيرها، فأحسِن نيتك، واعزم أمرك ولا تتردد، ولا تعتمد على غيرك..فحقّ أهلنا عليكم أكبر.

ليست هناك تعليقات: